فصل: فَرْعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَقْرَبُ الْوَرَثَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تُوجَدَ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ فِي الْغَاسِلِ فِيمَا يَظْهَرُ وَأَنْ يَكُونَ (عَلَى) نَحْوِ (لَوْحٍ) مُرْتَفِعٍ لِئَلَّا يُصِيبَهُ رَشَاشٌ وَرَأْسُهُ أَعْلَى لِيَنْحَدِرَ الْمَاءُ عَنْهُ (وَ) الْأَكْمَلُ أَنَّهُ (يُغَسَّلُ فِي قَمِيصٍ) بَالٍ وَسَخِيفٍ لِمَا صَحَّ أَنَّهُمْ لَمَّا أَخَذُوا فِي غَسْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَاهُمْ مُنَادٍ مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ لَا تَنْزِعُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصَهُ، وَادِّعَاءُ الْخُصُوصِيَّةِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ ثُمَّ إنْ اتَّسَعَ كُمُّهُ وَإِلَّا فُتِقَ دَخَارِيصُهُ فَإِنْ فُقِدَ وَجَبَ سَتْرُ عَوْرَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ (بِمَاءٍ) مَالِحٍ و(بَارِدٍ) لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ، وَالسُّخْنُ يُرْخِيهِ نَعَمْ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ لِنَحْوِ شِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ وَسَخٍ فَلَا بَأْسَ وَيَنْبَغِي إبْعَادُ إنَاءِ الْمَاءِ عَنْ رَشَاشِهِ كَمَا بِأَصْلِهِ وَأَنْ يَجْتَنِبَ مَاءَ زَمْزَمَ لِلْخِلَافِ فِي نَجَاسَةِ الْمَيِّتِ وَلَمْ يُرَاعَ نَظِيرُهُ فِي إدْخَالِهِ الْمَسْجِدَ لِأَنَّ مَانِعَهُ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَيُجْلِسُهُ) الْغَاسِلُ بِرِفْقٍ (عَلَى الْمُغْتَسَلِ) الْمُرْتَفِعِ (مَائِلًا إلَى وَرَائِهِ) إجْلَاسًا رَقِيقًا لِأَنَّ اعْتِدَالَهُ قَدْ يَحْبِسُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ (وَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى كَتِفِهِ وَإِبْهَامَهُ فِي نُقْرَةِ قَفَاهُ) وَهُوَ مُؤَخَّرُ عُنُقِهِ لِئَلَّا يَتَمَايَلَ رَأْسُهُ (وَيَسْنُدُ ظَهْرَهُ إلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى) لِئَلَّا يَسْقُطَ (وَيُمِرُّ يَسَارَهُ عَلَى بَطْنِهِ إمْرَارًا بَلِيغًا) أَيْ مُكَرَّرًا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ مَعَ نَوْعِ تَحَامُلٍ لَا مَعَ شِدَّتِهِ لِأَنَّ احْتِرَامَ الْمَيِّتِ وَاجِبٌ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (لِيَخْرُجَ مَا فِيهِ) مِنْ الْفَضَلَاتِ خَشْيَةً مِنْ خُرُوجِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَلْتَكُنْ الْمِجْمَرَةُ فَائِحَةَ الطِّيبِ مِنْ أَوَّلِ وَضْعِهِ بَلْ مِنْ حِينِ مَوْتِهِ إلَى انْتِهَائِهِ وَلْيَعْتَنِ الْمُعِينُ بِكَثْرَةِ صَبِّ الْمَاءِ إذْهَابًا لِعَيْنِ الْخَارِجِ وَرِيحِهِ مَا أَمْكَنَ (ثُمَّ يُضْجِعُهُ لِقَفَاهُ وَيُغَسِّلُ بِيَسَارِهِ وَعَلَيْهَا خِرْقَةٌ سَوْأَتَيْهِ) قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ وَمَا حَوْلَهُ كَمَا يَسْتَنْجِي الْحَيُّ وَالْأَوْلَى خِرْقَةٌ لِكُلِّ سَوْأَةٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُبَاعَدَةَ عَنْ هَذَا الْمَحَلِّ أَوْلَى وَلَفُّ الْخِرْقَةِ وَاجِبٌ لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ بِلَا حَائِلٍ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِخِلَافِ نَظَرِ أَحَدِهِمَا وَسَيِّدٍ بِلَا شَهْوَةٍ وَلَوْ لِلْعَوْرَةِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ (ثُمَّ) يُلْقِي تِلْكَ وَيَغْسِلُ مَا أَصَابَ يَدَهُ بِمَاءٍ وَنَحْوِ أُشْنَانٍ و(يَلُفُّ) خِرْقَةً (أُخْرَى) بِيَسَارِهِ أَيْضًا وَيَغْسِلُ مَا بَقِيَ عَلَى بَدَنِهِ مِنْ قَذَرٍ ظَاهِرٍ أَوْ نَجَسٍ وَيَجِبُ لَفُّهَا فِي الْعَوْرَةِ كَمَا عُرِفَ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُسَنُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُعِدُّ خِرْقَتَيْنِ نَظِيفَتَيْنِ وَاحِدَةً لِلسَّوْأَتَيْنِ وَأُخْرَى لِبَقِيَّةِ الْبَدَنِ ثُمَّ يَلُفُّ خِرْقَةً نَظِيفَةً عَلَى أُصْبُعِهِ (وَيُدْخِلُ أُصْبُعَهُ) تِلْكَ وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْيُسْرَى خِلَافًا لِلْقَمُولِيِّ كَبَعْضِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ (فَمَهُ وَيُمِرُّهَا عَلَى أَسْنَانِهِ) بِشَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ كَسِوَاكِ الْحَيِّ وَلَا يَفْتَحُ أَسْنَانَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَ الْمَاءُ جَوْفَهُ فَيُفْسِدَهُ قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَيَّ يَسْتَاكُ بِالْيُسْرَى. اهـ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ فَإِنَّ الْأُصْبُعَ هُنَا مُبَاشِرَةٌ لِلْأَذَى مِنْ وَرَاءِ الْخِرْقَةِ وَلَا كَذَلِكَ ثَمَّ نَعَمْ قِيَاسُهُ أَنَّا لَوْ قُلْنَا بِحُصُولِ السِّوَاكِ بِالْأُصْبُعِ أَوْ أَرَادَ لَفَّ خِرْقَةٍ عَلَى أُصْبُعٍ لِلِاسْتِيَاكِ بِهَا وَالْأَذَى يَنْفُذُ مِنْهَا لَهَا سُنَّ كَوْنُهُ بِالْيُسْرَى (وَيُزِيلُ) بِأُصْبُعِهِ الْيُسْرَى أَيْضًا وَعَلَيْهَا الْخِرْقَةُ وَالْأَوْلَى الْخِنْصَرُ (مَا فِي مَنْخَرَيْهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ وَكَسْرِهِمَا وَضَمِّهِمَا وَبِفَتْحٍ ثُمَّ كَسْرٍ وَهِيَ أَشْهَرُ (مِنْ الْأَذَى) مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ وَيَتَعَهَّدُ كُلَّ مَا بِبَدَنِهِ مِنْ أَذًى (وَ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ (يُوَضِّئُهُ) وُضُوءًا كَامِلًا بِمَضْمَضَةٍ وَاسْتِنْشَاقٍ وَغَيْرِهِمَا وَيُمِيلُ فِيهِمَا رَأْسَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَ الْمَاءُ جَوْفَهُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُنْدَبْ فِيهِمَا مُبَالَغَةٌ (كَالْحَيِّ ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ثُمَّ لِحْيَتَهُ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ) كَالْخَطْمِيِّ وَالسِّدْرُ أَوْلَى (وَيُسَرِّحُهُمَا) أَيْ شُعُورَهُمَا إنْ تَلَبَّدَتْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ لِإِزَالَةِ مَا فِي أُصُولِهِمَا كَمَا فِي الْحَيِّ وَإِذَا أَرَادَ التَّسْرِيحَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ الرَّأْسَ كَمَا بُحِثَ وَأَنْ يَكُونَ (بِمُشْطٍ) بِضَمٍّ أَوْ كَسْرٍ فَسُكُونٍ وَبِضَمِّهِمَا (وَاسِعِ الْأَسْنَانِ بِرِفْقٍ) لِيَقِلَّ الِانْتِتَافُ أَوْ يَنْعَدِمَ (وَيَرُدُّ) نَدْبًا (الْمُنْتَتَفَ) أَيْ السَّاقِطَ مِنْهُمَا وَكَذَا مِنْ شَعْرِ غَيْرِهِمَا (إلَيْهِ) فِي كَفَنِهِ لِيُدْفَنَ مَعَهُ إكْرَامًا لَهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي أَنَّ نَحْوَ الشَّعْرِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُغْسَلُ وَيُسْتَرُ وَيُدْفَنُ وُجُوبًا فِي الْكُلِّ لِأَنَّ مَا هُنَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَعَهُ وَذَاكَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ (وَيَغْسِلُ) بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ (شِقَّهُ الْأَيْمَنَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ) الْمُقْبِلَيْنِ مِنْ عُنُقِهِ لِقَدَمِهِ (ثُمَّ يُحَرِّفُهُ) بِالتَّشْدِيدِ (إلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَيَغْسِلُ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِمَّا يَلِي الْقَفَا وَالظَّهْرَ إلَى الْقَدَمِ ثُمَّ يُحَرِّفُهُ إلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ فَيَغْسِلُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ) لِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُدَاءَةِ بِالْمَيَامِنِ وَقُدِّمَ الشِّقَّانِ اللَّذَانِ يَلِيَانِ الْوَجْهَ لِشَرَفِهِمَا وَلَوْ غَسَلَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ مِنْ مُقَدَّمِهِ ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ ثُمَّ الْأَيْسَرَ مِنْ مُقَدَّمِهِ ثُمَّ مِنْ ظَهْرِهِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ وَيَحْرُمُ كَبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ (فَهَذِهِ) الْأَفْعَالُ كُلُّهَا- بِلَا نَظَرٍ لِنَحْوِ السِّدْرِ إذْ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْغُسْلِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ- (غَسْلَةٌ وَتُسْتَحَبُّ) غَسْلَةٌ (ثَانِيَةٌ وَ) غَسْلَةٌ (ثَالِثَةٌ) كَذَلِكَ (وَ) يُسْتَحَبُّ فِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ ثَلَاثُ غَسَلَاتٍ وَذَلِكَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُسْتَعَانَ فِي) الْغَسْلَةِ (الْأُولَى) مِنْ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ (بِسِدْرٍ أَوْ خِطْمِيٍّ) بِكَسْرِ الْخَاءِ فِي الْأَفْصَحِ لِإِزَالَةِ الْوَسَخِ ثُمَّ يُزِيلُ ذَلِكَ بِغَسْلَةٍ ثَانِيَةٍ (ثُمَّ) بَعْدَ هَاتَيْنِ الْغَسْلَتَيْنِ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ (يُصَبُّ مَاءٌ قَرَاحٌ) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ خَالِصٌ (مِنْ فَرْقِهِ) بِفَاءٍ ثُمَّ قَافٍ كَمَا فِي نُسَخٍ وَبِقَافٍ ثُمَّ نُونٍ كَمَا فِي أُخْرَى وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالثَّانِي وَهُوَ جَانِبُ الرَّأْسِ وَفَسَّرَ الْفَرْقَ فِي الْقَامُوسِ بِالطَّرِيقِ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعِبَارَتَيْنِ وَاحِدٌ وَهُوَ الصَّبُّ مِنْ أَوَّلِ جَانِبِ الرَّأْسِ الْمُسْتَلْزِمُ لِدُخُولِ شَيْءٍ مِنْ الْفَرْقِ إذْ الْمُرَادُ بِتِلْكَ الطَّرِيقِ الْمَحَلُّ الْأَبْيَضُ فِي وَسَطِ الرَّأْسِ الْمُنْحَدِرُ عَنْهُ الشَّعْرُ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (إلَى قَدَمِهِ بَعْدَ زَوَالِ السِّدْرِ) فَعُلِمَ أَنَّ مَجْمُوعَ مَا يَأْتِي بِهِ تِسْعُ غَسَلَاتٍ لَكِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْقَرَاحِ بَيْنَ أَنْ يُفَرِّقَهُ بِأَنْ يَجْعَلَهُ عَقِبَ ثِنْتَيْ السِّدْرِ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ وَأَنْ يُوَالِيَهُ بِأَنْ يَغْسِلَ السِّتَّ الَّتِي بِالسِّدْرِ ثُمَّ يُوَالِيَ الثَّلَاثَ الْقَرَاحَ، الْمُحَصَّلُ أُولَاهَا لِلْفَرْضِ وَثَانِيهَا وَثَالِثُهَا لِسُنَّةِ التَّثْلِيثِ وَهَلْ السُّنَّةُ فِي صَبِّ الْقَرَاحِ أَنْ يَجْلِسَ ثُمَّ يَصُبَّ عَلَيْهِ جَمِيعَهُ أَوْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا مَرَّ فِي غَسْلَةِ السِّدْرِ مِنْ التَّيَامُنِ وَالتَّيَاسُرِ وَالتَّحْرِيفِ السَّابِقِ لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا وَلَوْ قِيلَ: تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِكُلٍّ وَالْأَخِيرَةُ أَوْلَى لَاتُّجِهَ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِنْقَاءُ بِالثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ زَادَ وَيُسَنُّ وِتْرَانِ حَصَلَ بِشَفْعٍ وَإِنْ حَصَلَ بِهِنَّ لَمْ يُزَدْ عَلَيْهِنَّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هِيَ أَدْنَى الْكَمَالِ وَأَكْمَلُ مِنْهَا خَمْسٌ فَسَبْعٌ وَالزِّيَادَةُ إسْرَافٌ. اهـ.
وَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ بِغَسْلَةٍ تَغَيَّرَ مَاؤُهَا بِالسِّدْرِ تَغَيُّرًا كَثِيرًا لِأَنَّهُ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ كَمَا مَرَّ سَوَاءٌ الْمُخَالِطَةُ لَهُ وَهِيَ الْأُولَى وَالْمُزِيلَةُ لَهُ وَهِيَ الثَّانِيَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ وَبِمَا قَرَّرْتُ بِهِ الْمَتْنَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ وَقَوْلِي مِنْ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ وَصَرَّحَ بِهِ خَبَرُ أُمِّ عَطِيَّةَ فَاقْتِصَارُ الْمَتْنِ وَالرَّوْضَةِ كَالْأَصْحَابِ عَلَى الْأُولَى إنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى مَا ذَكَرْته يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ أَقَلِّ الْكَمَالِ وَاقْتِضَاءُ الْمَتْنِ اسْتِوَاءَ السِّدْرِ وَالْخِطْمِيُّ يُنَازِعُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ السِّدْرُ أَوْلَى لِلنَّصِّ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ فِي أَصْلِ الْفَضِيلَةِ قِيلَ وَإِفْهَامُ الرَّوْضَةِ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا غَرِيبٌ وَاسْتَحَبَّ الْمُزَنِيّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ مَعَ كُلِّ غَسْلَةٍ (وَأَنْ يَجْعَلَ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) مِنْ الثَّلَاثِ الَّتِي بِالْمَاءِ الصِّرْفِ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ (قَلِيلَ كَافُورٍ) مُخَالِطٍ بِحَيْثُ لَا يُغَيِّرُهُ تَغَيُّرًا ضَارًّا، أَوْ كَثِيرًا مُجَاوِرًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ نَوْعَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقَوِّي الْبَدَنَ وَيُنَفِّرُ الْهَوَامَّ وَالْأَخِيرَةُ آكَدُ وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ بَعْدَ الْغُسْلِ كَأَثْنَائِهِ ثُمَّ يُنَشِّفُهُ تَنْشِيفًا بَلِيغًا لِئَلَّا يَبْتَلَّ كَفَنُهُ فَيُسْرِعَ تَغَيُّرُهُ.
وَيَأْتِي بَعْدَ وُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ بِذِكْرِ الْوُضُوءِ بَعْدَهُ وَكَذَا عَلَى الْأَعْضَاءِ عَلَى مَا مَرَّ وَيُسَنُّ اجْعَلْهُ مِنْ التَّوَّابِينَ أَوْ اجْعَلْنِي وَإِيَّاهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: يَرُدُّهُ تَصْرِيحُهُمْ الْآتِي) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ مِنْ وَجْهٍ لَا يَقْتَضِي الِاحْتِيَاطَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحْتَجْ لِلِاسْتِدْرَاكِ هُنَا لِلْعِلْمِ إلَخْ) أَيُّ حَاجَةٍ لِلِاعْتِذَارِ بِذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ نَدْبًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ الِاسْتِدْرَاكَ عَلَى إيهَامِ الْعِبَارَةِ الْوُجُوبَ هَذَا وَقَدْ أَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ بَعْدَ بِمَعْنَى مَعَ كَمَا قَالُوهُ فِي بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ فِي الْوَقْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ هَذَا اسْتِعْمَالُ الْمُتَبَادَرِ خِلَافُهُ وَإِنَّمَا حَمَلُوا عَلَيْهِ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّ أَوَّلَ الصِّيغَةِ أَفَادَ التَّعْمِيمَ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي وَلِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى مَعْنَى مَعَ يُخْرِجُ مَا إذَا تَقَدَّمَ إزَالَةُ النَّجَسِ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ هَذَا بِأَنَّ الْمَعْنَى مَعَ وُجُودِ إزَالَةِ النَّجَسِ وَهُوَ صَادِقٌ بِوُجُودِهَا أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شُوهِدَتْ الْمَلَائِكَةُ تُغَسِّلُهُ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي صَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْجِنِّ عَلَيْهِ مَا قِيلَ فِي غَسْلِهِمْ إيَّاهُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِالْفُرُوعِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ إجْزَاءُ نَحْوِ تَغْسِيلِ الْجِنِّيِّ إذَا عُلِمَ ذُكُورَتُهُ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَكْلِيفُهُ بِخُصُوصِ هَذَا.
(قَوْلُهُ: بِالْإِيمَانِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَدْ يَخْرُجُ الْإِيمَانُ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ- صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ- كَمَا تَخْرُجُ الْفُرُوعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلْيُنْظَرْ هَلْ خُرُوجُ هَذَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ مُصَرَّحٌ بِهِ ثُمَّ اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ؛ قَدْ يُقَالُ: إنَّ الْإِيمَانَ بِسَائِرِ الرُّسُلِ قَضِيَّةُ الْإِيمَانِ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا الْمُخْتَصُّ بِنَبِيِّنَا وُجُوبُ اتِّبَاعِهِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيمَانِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَفَى ذَلِكَ فِي الدَّفْنِ إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحَمْلَ كَالدَّفْنِ بَلْ أَوْلَى وَكَذَا الْإِدْرَاجُ فِي الْأَكْفَانِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغُسْلِ) وَكَالْغُسْلِ الصَّلَاةُ بَلْ أَوْلَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي غَسْلُ الْمُمَيِّزِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الصَّلَاةِ سُقُوطُ هَذِهِ بِفِعْلِ الْمُمَيِّزِ بَلْ أَوْلَى ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي التَّكْفِينِ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ- كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ- الْحَمْلُ وَالدَّفْنُ وَكَذَا الْغُسْلُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهِ لَكِنْ قَدْ يُنَافِيهِ تَعْلِيلُهُمْ إجْزَاءَهُ مِنْ الْكَافِرِ بِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُكَلَّفِينَ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى الْمَنْعَ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُكَلَّفِينَ وَقَدْ تَقَرَّرَ سُقُوطُ الْغَرَضِ بِصَلَاتِهِ فَأَوْلَى الْغُسْلُ ثُمَّ رَأَيْتُ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ إنَّ كَلَامَهُمْ يَقْتَضِي صِحَّتَهُ مِنْ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ قَالَ: لَا يُجْزِئُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ وَقَدْ عَلِمْتَ مَا يَرُدُّ هَذَا الْأَخِيرَ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ.

.فَرْعٌ:

لَوْ غَسَّلَ الْمَيِّتُ نَفْسَهُ كَرَامَةً فَهَلْ يَكْفِي لَا يَبْعُدُ أَنَّهُ يَكْفِي وَلَا يُقَالُ: الْمُخَاطَبُ بِالْفَرْضِ غَيْرُهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ إنَّمَا خُوطِبَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ لِعَجْزِهِ فَإِذَا أَتَى بِهِ كَرَامَةً كَفَى.

.فَرْعٌ آخَرُ:

لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ مَوْتًا حَقِيقِيًّا وَجُهِّزَ ثُمَّ أُحْيِيَ حَيَاةً حَقِيقِيَّةً ثُمَّ مَاتَ فَالْوَجْهُ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ لَهُ تَجْهِيزٌ آخَرُ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَهُ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَلِيَّ أَقْرَبُ الْوَرَثَةِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تُوجَدَ إلَخْ) هُوَ مُقَيَّدٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَكَأَجْنَبِيٍّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُبَاعَدَةَ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ مَسِّ شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ بِلَا حَائِلٍ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ مَسِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَا عَدَا عَوْرَةَ الْآخَرِ أَيْ بِلَا شَهْوَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ كَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ بَلْ أَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ ظَاهِرَةٌ فِي جَوَازِ مَسِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَوْرَةَ الْآخَرِ بِلَا شَهْوَةٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ بِهَامِشِهِ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِحُرْمَةِ مَسِّ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَوْرَةَ الْآخَرِ بِلَا شَهْوَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُؤَيِّدُ النَّظَرُ إطْلَاقَ قَوْلِهِمْ الْآتِي: وَلَا مَسَّ أَيْ نَدْبًا فَإِطْلَاقُ أَنَّ عَدَمَ الْمَسِّ مَنْدُوبٌ فَقَطْ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ مَسِّ الْعَوْرَةِ بِلَا شَهْوَةٍ م ر ثُمَّ رَأَيْتُ شَيْخَنَا الْإِمَامَ أَبَا الْحَسَنِ الْبَكْرِيَّ قَالَ فِي كَنْزِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَلَا مَسَّ بَعْدَ كَلَامٍ قَرَّرَهُ مَا نَصُّهُ: وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مَسُّ الْآخَرِ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي سَائِرِ بَدَنِهِ وَأَنَّ لَهُ النَّظَرَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْمَسِّ وَهُوَ كَذَلِكَ بِشَرْطِ انْتِفَاءِ الشَّهْوَةِ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْتُ مَا كَتَبْتُهُ بَعْدُ عَنْ بَابِ النِّكَاحِ لِلشَّارِحِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ يُخَالِفُ ذَلِكَ.